كتاب النكت على صحيح البخاري (اسم الجزء: 2)

الدرجات تدل عَلى الفضل؛ إذ المراد به: كثرة الثواب وبها ترتفع الدرجات.
وفِي صحيح مُسْلِم عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي -وَكَانَ عامل عمر عَلى مكة- أنه لقيه بعُسْفَان فَقَالَ له: من استخلفت؟ فَقَالَ: استخلفت ابن أبزى مولى لنا، فَقَالَ عمر: استخلفت مولى؟ قَالَ: إنه قارئ لكتاب الله عالِمٌ بالفرائض، فَقَالَ عمر: أمَا إن نبيكم قد قَالَ: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضعُ به آخرين" (¬1).
وعن زيد بن أسلم في قَوْله تعالَى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: 76]. قَالَ: بالعلم (¬2).
قَوْلُهُ: (وقوله -عز وجل-: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (11)} [طه: 114]). واضح الدلالة في فضل العلم؛ لأن الله لم يأمر نبيه بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم، والمراد بالعلم: العلم الشرعي الَّذِي يُفيد معرفة ما يَجب عَلى المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته، ومدار ذَلِك عَلى التفسير والحديث والفقه.
وقد ضرب هذا الجامع الصحيح في كل من الأنواع الثلاثة بنصيب، فرضي الله عن مصنفه، وأعاننا عَلى ما تصدينا له من توضيحه بمنه وكرمه.
فإن قيل: لِمَ لَمْ يُورد المصنف في هذا الباب شيئًا من الحديث؟
فالجواب: أنه إما أن يكون اكتفى بالآيتين الكريمتين، وإما بَيَّض له ليلحق فيه ما يناسبه فلم يتيسر، وإما أورد فيه حديث ابن عمر الآتي بعد باب رفع العلم ويكون وضعه هناك من تصرف بعض الرواة، وفيه نظر عَلى ما سنبينه هناك إن شاء الله تعالَى.
¬__________
(¬1) "صحيح مُسْلِم" (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه. .) برقم (817).
(¬2) أخرجه الإمام أحْمَد في "مسنده" (1/ 63).

الصفحة 64