كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 2)

وجه الاستدلال:
لم يؤاخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - ماعزًا حتى علم أنه ليس بمجنون، ولم يشرب الخمرة، فدل على أن المجنون والسكران لا عبرة لأقوالهم.

الدليل الثالث:
(ح-٣٨) ما رواه البخاري من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد ابن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، عن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الأعمال بالنية، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه (¬١).

وجه الاستدلال:
أن الحديث بين بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنية" أن العمل لا يقع إلا بالنية.
وبين - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ولكل امرئ ما نوى" أن العامل ليس له من عمله إلا ما نواه. وهذا يعم العبادات والمعاملات والأيمان والنذور وسائر العقود (¬٢).
فالحكم إنما يتوجه على العاقل المختار العامد الذاكر ... ؛ لأن غير العاقل المختار لا نية له فيما يقول أو يفعل، والسكران لا ينوي ما يفعل، ولا يعلم ما يقول بنص القرآن، ولذلك ترجم البخاري في صحيحه: (باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون وأمرهما ... ) فجمع البخاري رحمه السكران مع المجنون ممن لا نية له (¬٣).
---------------
(¬١) صحيح البخاري (٥٤)، ومسلم (١٩٠٧).
(¬٢) انظر إعلام الموقعين (٣/ ١١١).
(¬٣) فتح الباري (٩/ ٣٨٩).

الصفحة 22