كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 2)

واحتج الشافعي بقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقر ة: ١٣٠].
وقال تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٣].
وقال تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} [البقرة: ١٤٢]. وكل هذه الآيات هي في سفيه الدين.
وقول الجمهور أقوى، وليس الخلاف هل يطلق على الفاسق اسم السفيه أو لا، وإنما الخلاف في السفه في المال، هل يشمل السفه في الدين، فالجمهور على أنه إذا كان الرجل لا يخدع في ماله، وكان حافظاً له، فليس بسفيه، وإن كان فاسقًا. وقولنا: ليس بسفيه يعني في ماله، وإن كان سفيهًا في دينه.
وقد سبق لنا أن الصحيح في الرشد أنه يختلف من مقام لآخر.
فالرشد في ولي النكاح مثلاً: معرفته بالكفء، ومصالح النكاح، وليس له علاقة بحفظ المال.
والرشد في المال: هو حفظه وإصلاحه، ولا يدخل فيه الرشد في الدين، ولو كان صلاح الدين شرطًا في الرشد لوجب الحجر على المنافقين والمبتدعة، بل يجب الحجر على كل من اغتاب مسلما ولم يتب من هذه المعصية وذلك لارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب، ويجب الحجر على كل من كذب في بيعه، أو غش فيه.

الصفحة 31