كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 2)

قال في الشرح: "يستملك ملك أي أحد بقيمته الحقيقية للمنافع العمومية كالطريق والمسجد ومسيل الماء ولو لم يرض صاحبه ببيعه. فلذلك يؤخذ لدى الحاجة -أي إذا كان الطريق ضيقا ومست الحاجة إلى توسيعه- ملك أي أحد بقيمته بأمر السلطان ولو لم يرض صاحبه ويلحق بالطريق. فلذلك لو كان مسجد ضيق وغير كاف لاستيعاب المصلين، وكان لأحد ملك متصل بذلك المسجد، ووجدت حاجة لإلحاق قسم من تلك الدار للجامع، وتعنت صاحب الدار عن بيع ذلك المقدار من ملكه، فلا ينظر لرضائه، ويؤخذ المقدار اللازم للجامع، وحريم الجامع بقيمته جبرًا وكرهًا، ويوسع الجامع، وقد وسع الإِمام عمر والصحابة - رضوان الله عليهم - المسجد النبوي على هذا الوجه ... وكذلك يؤخذ محل مرور المياه بقيمته ولو لم يرض صاحبه" (¬١).
وأشار الونشريسي: بأن مالكًا وأصحابه المتقدمين والمتأخرين لم يختلفوا فيه (¬٢).
وقال ابن هبيرة: "رأيت بخط ابن عقيل حكى عن كسرى أن بعض عماله أراد أن يجري نهرًا، فكتب إليه أنه لا يجري إلا في بيت لعجوز، فأمر أن يشتري منها، فضوعف لها الثمن فلم تقبل، فكتب كسرى أن خذوا بيتها؛ فإن المصالح الكليات تغفر فيها المفاسد الجزئيات".
قال ابن عقيل: "وجدت هذا صحيحًا، فإن الله، وهو الغاية في العدل يبعث المطر والشمس، فإن كان الحكيم القادر لم يراع نوادر المضار لعموم المنافع فغيره أولى" (¬٣).
---------------
(¬١) درر الحكام في شرح مجلة الأحكام (٣/ ٢٣٤).
(¬٢) المعيار المعرب (١/ ٢٤٤).
(¬٣) الفروع (٤/ ٥).

الصفحة 62