كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 2)

فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا (¬١).
فإذا كان الإكراه محرمًا، وفيه اعتداء على مال الغير، فإن الحرام لا ينبغي أن يترتب عليه أي أثر شرعي.

الدليل الثالث:
(ح-٤٥) ما رواه ابن ماجه، قال: ثنا مروان بن محمَّد، ثنا عبد العزيز ابن محمَّد، عن داود بن صالح المدني، عن أبيه، قال: سمعت أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما البيع عن تراض (¬٢).
[إسناده حسن] (¬٣).
فحصر قيام البيع بقيام الرضا، ومفومه أنه لا يقوم البيع بانعدام الرضا.

الدليل الرابع:
الإجماع، قال النووي: "المكره على البيع إن كان إكراهه بغير حق لم يصح بيعه بلا خلاف .. " (¬٤).
ومع خلاف الحنفية لا يصح القول بالإجماع، وقد يوجه كلام النووي - رحمه الله - بأن عدم الصحة لا ينافي عدم الانعقاد، فالحنفية يقولون ينعقد فاسدًا, وليس صحيحًا، وبينهما فرق، فالرضا شرط للصحة، والاختيار مع الإكراه شرط للانعقاد، وبهذا التوجيه ممكن أن تكون عبارة النووي صحيحة، والله أعلم.
---------------
(¬١) صحيح البخاري (١٧٣٩).
(¬٢) سنن ابن ماجه (٢١٨٥).
(¬٣) سبق تخريجه انظر ح ٤٣.
(¬٤) المجموع (٩/ ١٨٦).

الصفحة 71