كتاب المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة (اسم الجزء: 2)
جريرًا، فإذا روايةُ الأعمش (¬2) تدلُّ على أنه لم يسمع منه، وحديثُ الأعمش قد أفسدَ حديثَ محمد بنِ قيس". اهـ.
فدليلُ أبي حاتم - رحمه الله - أنَّ الأعمش رواهُ عن أبي الضحى، عن عبد الرحمن ابن هلال، عن جرير. فأثبتَ الواسطة بينهما، وهذا الدليل ليس كافيا في إثبات الدعوى، كما قدمت في المثال رقم 24 (¬3)، ويدلُّ على ذلك أن أبا نعيم الفضل ابنَ دُكَين، قال: ثنا محمد بنُ قيس وهو ثقة، ... فذكرَ شيخُنا الحديث وتخريجه كما تقدم، ثم قال:
وهذا سندٌ صحيحٌ حجّةٌ. وأبو نعيم لا يُسألُ عن مثله.
ومحمد بنُ قيس الأسدي الوالبي، قال أحمد: "ثقةٌ لا يُشكُّ فيه". ووثَّقَهُ: وكيعٌ وكان من أروى الناس عنه، وابنُ معين -في رواية-، وعليّ بنُ المديني، وابو داود، والنسائيُّ، وابنُ حبان 7/ 427، وقال: "كان من المتقنين"، وابنُ سعد، والعجليُّ. وقال أبو حاتم، وابنُ عديّ: لا بأس به. زاد الأول: "صالحُ الحديث". ونقل ابنُ عديّ، عن ابن معين، قال: "ليس بشيء لا يُروى عنه". فربما قصد ابنُ معين حديثًا بعينه، والوهمُ لا يسلم منه أحدٌ، وإلا فهذا التضعيفُ معارضٌ بتوثيقه، وقد نقله عنه ثلاثةٌ من أصحابه: إسحاق بن منصور، وإبراهيم بن طهمان، وابن محرز. ومسلم بنُ صبيح فمن الثقات الرُّفعاء، ولا يُعرف له تدليسٌ، وكان يسكن الكوفة، وكذلك كان جرير بنُ عبد الله - رضي الله عنه - يسكن الكوفة، فهما أبناء بلدةٍ واحدةٍ، وجريرٌ
¬__________
(¬2) ورواية الأعمش رواها مسلمٌ وغيره.
(¬3) يعني شيخُنا: بحث سماع الشعبي من سمرة، وقد أخرجتُه في أبواب: الجنائز وذكر الموت وعذاب القبر / باب: قضاءُ دَينِ الميِّت.