كتاب مجلس أبي الحسن السقا

#17#
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا جد أبوي القاضي الإمام العالم زكي الدين شهاب القضاة أبوالمفضل يحيى بن علي بن عبدالعزيز القرشي بقراءة والدي عليه في شوال سنة ثلاث وثلاثين وخمسمئة قال: أخبرنا أبوالقاسم عبدالرزاق بن عبدالله بن الفضيل بقراءة أبي الفرج الحنبلي في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وأربعمئة: أخبرنا أبوالقاسم عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن أحمد السراج قراءةً عليه في منزله بدمشق في شعبان من سنة ثلاثين وأربعمئة: أخبرنا أبوالحسن محمد بن جعفر بن محمد بن هشام بحلب قراءةً عليه في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمئة:
1 - حدثنا أبوالحسن محمد بن عامر بن مرداس بن هارون السمرقندي من كتابه في سوق الأحد في دار الفرغاني في ربض الرقة والرافقة: حدثنا أبومحمد عصام بن يوسف بن قدامة الباهلي ببلخ في غرة سنة ثلاث وعشرين ومئتين - وفي هذه السنة مات -: حدثنا الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله بن مسعود قال:
بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس له إذ أقبل أعرابي على بعير له، حتى جاء #18##19# فوقف فسلم عليهم فقال: أيكم محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا محمد» فنزل الأعرابي فجثا على يديه: يا رسول الله، إن لي اليوم خمسة أيام خرجت من أهلي أطلب الإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن يسلم قلبك ولسانك، وأن تصلي الخمس، وإن كان لك مال تؤدي من زكاة مالك، وتحج البيت، وتغتسل من الجنابة، وتؤمن بالله».
قال: يا رسول الله، فإذا فعلت هذا فأنا مسلم؟ فقال: «نعم».
ثم ركب راحلته فسار هنيةً، فسقط من بعيره في جحر من (جرد؟) فوقص الأعرابي ميتاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى أخيكم فخذوا في جهازه».
قال: فجاؤوا به فوضعوه قدام النبي صلى الله عليه وسلم، فحول النبي صلى الله عليه وسلم وجهه عنه ساعةً، ثم أقبل إليهم فقال: «خذوا في جهازه».
قال: فقمنا إليه فحملناه وغسلناه وكفناه، ثم حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى به شفير قبره، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أدخله قبره، ثم قال: «مدوا علي ثوباً».
فمكث طويلاً، ثم خرج وإن العرق ليتحادر من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
#20##21#
قال: ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع قبره فجلس فيه، فقال بعضهم لبعض: من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرنا من هذا الأعرابي؟ فقال بعضهم لبعض: عليكم بعلي بن أبي طالب، فكلموا علياً عليه السلام فقالوا: سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر هذا الأعرابي.
فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، جئناك بهذا الأعرابي فوضعناه بين يديك فحولت وجهك عنه ساعةً؟ قال: «أما تحول وجهي عنه، لقد نزلت عليه من الحور العين بأيديهن الثمار تلقمه، أما رأيتم إلى خضر شفتيه؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «إنه لم يطعم من خمسة أيام شيئاً، وأما جلستي في قبره فلقد نزلت من الحور العين كلهن يقلن: يا رسول الله زوجنا له، فلما دخلت حتى زوجته سبعين حوراء».

الصفحة 17