كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 2)

إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (¬1).
وإذا كان هذا منطق الجن تجاه القرآن، فللملائكة كذلك شأن مع القرآن الكريم، فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما واللفظ للبخاري عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: بينما هو يقرأ القرآن من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكتت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت فسكتت الفرس، ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبًا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره- يعني ولده حتى لا تطأه الفرس- رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: اقرأ يا بن حضير اقرأ يا بن حضير، قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبًا، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها، قال: وتدري ما ذاك؟ قال: لا، قال: تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو أنك قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى عنهم (¬2).
وفي صحح مسلم- أيضًا- عن البراء قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين (والشطن: الحبل الطويل المضطرب، وإنما ربطه بشطنين لقوته وشدته) فتغشته سحابة فجعلت تدور وتدنو، وجعل فرسه ينفر منها، فلما
¬_________
(¬1) سورة الأحقاف، الآيات: 29 - 32 وانظر (الصحيح المسند من دلائل النبوة/ 3).
(¬2) الفتح 9/ 61، مسلم 1/ 5548.

الصفحة 200