كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 2)

بين المصائب والذنوب (¬1)
تصيب الأممَ والجماعات المصائبُ والنكباتُ، وتحل البلوى والمحن بالأفراد والدول والمجتمعات، وليس ذلك بمستَغرب، فسنة الله ماضية في نكد العيش، ومنغصات هذه الحياة، كما قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (¬2). وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (¬3). وقال تعالي: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (¬4).
والأمر في هذه القضية لا يحتاج لمزيد أدلة من الكتاب والسنة لإثباته، فواقع الحياة وحال الناس يشهد به.
ولكن الأمر المهم هو تأمل هذه السنة الربانية والتعرف على أسبابها وحكمها، وكيفية الوقاية أو التقليل منها.
والحق أن الناس يتفاوتون في هذا الأمر تفاوتًا كبيرًا، وذلك على قدر علمهم وفقههم، ودرايتهم بكتاب الله وفهم نصوصه.
فهناك من تنزل به المصائب وتحل به المحن صباحًا مساءً، وهو لا يدري شيئًا من أسبابها، ولا يعلم كيف يتخلص منها، فيظل ينتقل من محنة إلى أخرى ومن غم إلى آخر حتى تنقرض حياته، وربما كانت آخرته امتدادًا لشقائه في حياته
¬_________
(¬1) 12/ 3/ 1412 هـ.
(¬2) سورة البلد، الآية: 4.
(¬3) سورة الأنبياء، الآية: 35.
(¬4) سورة الأعراف، الآية: 168.

الصفحة 205