كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 2)

أما أن تُرمى الشريعة المطهرةُ بالقصور، أو يُتهمَ المطالبون بتحكيمها بالرجعية فذلك لم يحدث إلا حين أنهيت الخلافةُ الإسلاميةُ، وتغربَ بعضُ أبناء المسلمين، ومُكنَ لهم في القيادة، وكانوا أداةً طيعةً في أيدي المستعمرين، وكانوا أبعدَ الناس عن نصوص الكتاب المحكم والسنة المطهرة، وإلا ففي القرآن زواجر رادعةٌ، وفي السنة أحكامٌ وتنظيمات شاملةٌ، أينَ هؤلاء من مثل قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (¬1). وأين هم من قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (¬2) ..
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (¬3) ...
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬4) ...
وأما من يدعون الإسلام وهم يحاصرون شريعة الإسلام في أمور خاصة لا تتجاوز الأحوال الشخصية، أما السياسات العامة والقضايا الكبرى المهمة فتلك يُحَكمون فيها أهواءهم، ويقلدون بها غيرهم، والله تعالى يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (¬5).
ولقد أحسن أحد العلماء في وصف من طُمِسَتْ بَصيرته فاستبدل بالشريعة القانون حيث قال: (إن مثل هذا مثل الجعل يتأذى من رائحة المسك والورد الفوّاح، ويحيا بالعذرة والغائط في المستراح) (¬6).
¬_________
(¬1) سورة المائدة، الآية: 50.
(¬2) سورة المائدة، الآية: 44.
(¬3) سورة المائدة، الآية: 45.
(¬4) سورة المائدة، الآية: 47.
(¬5) سورة النساء، الآية: 65.
(¬6) الرسائل المنبرية: 1/ 139، الولاء والبراء، القحطاني/ 79.

الصفحة 34