كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 2)

يلزم صاحبه المعصية بما لا يلزم، فيلزم حالق اللحية، ومسبل الإزار، وشارب الخمر مثلاً، وغيرهم ببغض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمر بإعفاء اللحية، وعدم الإسبال، والنهي عن شرب الخمر، فيقول لهم: لولا أنكم تبغضون ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم لما فعلتم هذه المنكرات. وهذا إلزامٌ باطل، فهناك من الصحابة من حصلت منه بعض المخالفات كشرب الخمر مثلاً، ولم يلزمه أحد من الصحابة بذلك الإلزام، بل كما أُتي بشارب الخمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولعنه بعض الصحابة، وقال: ما أكثر ما يؤتى به! نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن لعنه وقال: «إنه يحب الله ورسوله» (¬1).
إنه العدل في القول، والرفق في النصح، وعدم الاستعجال في إصدار الأحكام على الآخرين، دون تذويب لشرائع الإسلام، أو مداهنة في النصح تتكاثر بسببها الفواحش والآثام.
ألا وإن في دائرة الإسلام متسعًا لمن زلت بهم القدم، أو غلبت عليهم الشهوة، أو استحوذ عليهم الشيطان فترة ثم تابوا وأنابوا إلى ربهم شريطة أن يبقوا محبين لله ورسوله، غير مبغضين لشيءٍ من شريعة الله، وكيف نؤسس من لم يقنطه الله من رحمته.
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ} (¬2) ... ولكن يقال لكل من خالف أمر الله:
¬_________
(¬1) رواه البخاري، ح 6780 الفتح 12. (سليمان العلوان: التبيان: شرح نواقض الإسلام/ 43، 44).
(¬2) سورة الزمر، الآيتان: 53، 54.

الصفحة 41