كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 2)

ولابد من عبادة الله بما شرع الله، ولا يتوصل إلى ذلك إلا بالمعرفة التي يطبقها عادة الناس، وليست بالمعرفة الخاصة بالعلماء، وكذلك العمل فالمقصود به العمل بأصول الإسلام التي بها يحكم بالإسلام. قال الشيخ ابن سحمان يرحمه الله: ( ... إن الإنسان لا يكفر إلا بالإعراض عن تعلم الأصل الذي يدخل به الإنسان في الإسلام، لا بترك الواجبات والمستحبات) (¬1).
ويجلي الإمام ابن القيم رحمه الله الإعراض بقوله: (وأما كفر الإعراض فإنه يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يواليه، ولا يعاديه، ولا يصغي إلى ما جاء به البتة) (¬2).
نعوذ بالله من الصدود والإعراض، وما أعظم زواجر القرآن لمن عقل، والله يقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} (¬3).
ألا وإن الجزاء من جنس العمل، ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب! إخوة الإسلام، ثم يختم الشيخ محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله هذه النواقض بتنبيه مهم يقول فيه: (ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا الكره، وكلها من أعظم ما يكون خطرًا، ومن أكثر ما يكون وقوعًا فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف على نفسه فيها) (¬4).
اللهم احفظ علينا ديننا، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
¬_________
(¬1) الدرر السنية 10/ 472.
(¬2) مدارج السالكين ... عن التبيان، ص 69.
(¬3) سورة طه، الآيتان: 124، 126.
(¬4) الدرر السنية 8/ 89، 90.

الصفحة 47