كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 2)

أما ابن حزم، العالم البحر، فقد كانت له اجتهاداتٌ خاطئة، وجرت بينه وبين عدد من العلماء مناظراتٌ وخصومات، وقد أنصف الذهبي من نفسه حين قال عنه: (ولي أنا ميلٌ أبي محمد لمحبته في الحديث الصحيح، ومعرفته به، وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقوله في الرجال والعلل، والمسائل البشعة في الأصول والفروع، وأقطع بخطئه في غير ما مسالة، ولكن لا أكفره ولا أضلله، وأرجو له العفو والمسامحة وللمسلمين، وأخضع لفرط ذكائه، وسعة علومه .. ) (¬1).
فهل رأيتم كهذا المنهج النقدي عند علم من أعلام المسلمين؟ ألا ما أحوجنا في حياتنا المعاصرة إلى الاعتدال في تقييم الآخرين ... وما أحرانا بتلمس مناهج وطرائق السابقين ... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} (¬2).
نفعني الله وإياكم بهدى القرآن، وهدانا لاتباع شرع محمد عليه الصلاة والسلام. أقول ما تسمعون واستغفر الله.
¬_________
(¬1) سير أعلام النبلاء 18/ 202.
(¬2) سورة النساء، الآية: 135.

الصفحة 65