كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 2)

وقد أظهر الله من نور الحق وبرهانه ما رد به إفك الكاذب وبهتانه، فلا أُحبُّ أن يُنْتَصَتَر من أحدٍ بسبب كذبه عليَّ أو ظلمه وعدوانه، فإني قد أحللتُ كل مسلمٍ، وأنا أحبُّ الخير لكل المسلمين، وأُريدُ لكل مؤمنٍ من الخير ما أُحبه لنفسي، والذين كذبوا وظلموا فهم في حلٍّ من جهتي .. ).
وهذا القول من الشيخ سبقه كلامٌ عن نعَم الله عليه المتزايدة، وهو في السجن، وانتشار كتبه، وإقبال الخلق على سبيل السنة والجماعة، وحاجة الأمة إلى تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، وصلاح ذات البين (¬1).
وهو كلام نفيس جدير بمن ينتسبون إلى العلم والديانة أن يقرؤوه، ومن يبحثون عن منهج أهل السنة والجماعة في أدب الاختلاف أن يتأملوه، وينهجوه .. وتبقى بعد ذلك الدعاوى إذا لم يقم عليهن دليلٌ أصحابها أدعياء؟
4 - إخوة الإيمان، ومن الآداب المشروعة في نقد الآخرين إلانةُ القول وتحري دواعي القبول .. فهذا فرعون قد حكم الله بكفره وضلاله واستكباره، يؤمر الرسولان الكريمان في سبيل دعوته بإلانة القول له {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (¬2). وكذلك يؤمر المصطفى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ} (¬3).
فإذا كانت إلانة القول في النصح مطلبًا وإن عُلِم عدم استجابة المنصوح، فكيف ترونه ينبغي أن يكون الأمر عند من يُرجى قبوله النصح؟
إن الكلمة الطيبة سهمٌ ينفذ إلى القلوب، فينفع الله بها من أراد له الهدى، وإن
¬_________
(¬1) سورة الفتاوى/ 28/ 42 - 55.
(¬2) سورة طه، الآيتان: 43، 44.
(¬3) سورة آل عمران، الآية: 159.

الصفحة 67