كتاب شعاع من المحراب (اسم الجزء: 2)

استغسلتم فاغتسلوا) (¬1) كذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم.
جاءت الإشارة إلى العين في القرآن الكريم على لسان يعقوب عليه السلام حين خاف على أبنائه فقال: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (¬2).
وهكذا يفعل المؤمنون الأسباب، ويبقى التوكل على الله ملاذًا آمنًا، ومعتقدًا صادقًا، يأخذون بالحيطة والحذر، ويؤمنون بالقضاء والقدر، ويثقون بقدرة الواحد الأحد {وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ}.
وجاء في القرآن أيضًا إخبارٌ من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم عن حسد الكافرين له، ومحاولة إنفاذه بأبصارهم {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (¬3).
قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: (لَيُزْلِقُونَكَ) أي يعينونك بأبصارهم، بمعنى يحسدونك ... قال ابن كثير: وفي هذه الآية دليلٌ على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل كما ورد بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة) (¬4).
إخوة الإيمان، وينبغي أن يعلم أن العين إنسيةٌ وجنِّيةٌ، بمعنى أنها تصيب من الجنّ كما تُصيبُ من الإنس، فعن أم سلمة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عنه وسلم قال لجارية
¬_________
(¬1) رواه مسلم في صحيحه في كتاب السلام، باب الطب والرقى.
(¬2) سورة يوسف، الآية: 67.
(¬3) سورة القلم، الآية: 51.
(¬4) تفسير ابن كثير 8/ 227.

الصفحة 97