كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

والإحياء الثاني كذلك متراخ عن الموت إن أريد به النشور تراخياً ظاهراً، وإن أريد به إحياء القبر فمنه يكتسب العلم بتراخيه والرجوع إلى الجزاء أيضا متراخ عن النشور. فإن قلت: من أين أنكر اجتماع الكفر مع القصة التي ذكرها اللَّه، ألأنها مشتملة على آيات بينات تصرفهم عن الكفر، أم على نعم جسام حقها أن تشكر ولا تكفر؟ ....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فمنه يكتسب العلم) أي: يعلم من استعمال "ثم" في هذا الموضع أن الميت يحيى في القبر للسؤال بعد زمان متراخ. وما يشعر بذلك ما روينا عن مسلم عن عبد الرحمن قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت، فبكى بكاء طويلاً، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: ما يبكيك يا أبتاه؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا؟ فأقبل بوجهه فقال ... وساق الحديث إلى قوله: فإذا أنا مت فلا يصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فسنوا علي القبر سناً، ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى استأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع رسل ربي.
وعن أبي داود عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدربين حين يقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ " الحديث.
وفي "جامع الأصول": سياق الموت: وقت حضور الأجل، كأن روحه تساق لتخرج من جسده. وسننت التراب على الميت: إذا رميته فوقه برفق ولطف.
قوله: (من أين أنكر اجتماع الكفر) "أين" سؤال عن تعميم الأمكنة والأحياز، فاستعير للتعليل، ولذلك فصله بقوله: "لأنها مشتملة على آيات" إلى آخره، ونحوه في التعليل "إذ"

الصفحة 416