كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

قلت: يحتمل الأمرين جميعاً؛ لأنّ ما عدّده آيات وهي مع كونها آيات من أعظم النعم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و"حيث"؛ قال المصنف: في "الأحقاف": لاستواء مؤدى التعليل والظرف في قولك: ضربته لإساءته، وضربته إذ أساء، لأنك إذا ضربته في وقت إساءته فإنما ضربته فيه لوجود إساءته فيه، أجريا مجرى التعليل. وقريب منه قول الأصوليين: شرط المجاز العلاقة المعتبر نوعها، نحو السببية القابلية، نحو: سال الوادي، فإن تمكين الوادي للماء من السيلان بمنزلة سبب السيلان، وكذلك موقع صدور المعنى من الآية وتمكينه للمنكر من السؤال بمنزلة السبب فيه.
ثم في الآية مقامان: مقام كونهم كافرين بالله جاحدين لآياته العظام، ومقام كونهم غير شاكرين لنعمه الجسام. وقوله: (وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) يحتمل أن يكون موقعاً لكلا المعنيين؛ أما النعمة فلأن نعمة الحياة في الدنيا والآخرة مما يستوجب الشكر، وأما الآية فلأن تلك الأطوار آيات عظيمة، فعلى العالم بها الإقرار بعظمة منشئها وبارئها والإيمان به. فما المراد في الآية وما الذي يقتضيه المقام؟
وأجاب بقوله: "يحتمل الأمرين جميعاً" يعني لا منافاة بين المعنيين، فيجوز إرادتهما معاً لما يجمعهما معنى النعمة.
وقلت: بل الواجب تنزلهما عليهما لما استؤنف بقوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) الآيات [البقرة: 29] على سبيل البيان، وهي متضمنة للنعمة والآيات جميعاً. وأما قول بعضهم: إن الكفر بمعنى الكفران لا يعدى بالباء، فجوابه: أن باب المجاز والتضمين غير

الصفحة 417