كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

الأنس واللذة من فنون المطاعم والمشارب والفواكه والمناكح والمراكب والمناظر الحسنة البهية، وعلى أسباب الوحشة والمشقة من أنواع المكاره كالنيران والصواعق والسباع والأحناش والسموم والغموم والمخاوف. وقد استدل بقوله: (خَلَقَ لَكُمْ) على أنّ الأشياء التي يصح أن ينتفع بها. ولم تجر مجرى المحظورات في العقل خلقت في الأصل مباحة مطلقا لكل أحد أن يتناولها ويستنفع بها. فإن قلت: هل لقول من زعم أنّ المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحةٍ؟ قلت: إن أراد بالأرض الجهات السفلية دون الغبراء كما تذكر السماء وتراد الجهات العلوية؛ ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (خلقت في الأصل مباحة مطلقاً)، الانتصاف: هذا مذهب فرقة من المعتزلة بنوه على التحسين والتقبيح.
الإنصاف: قال بهذا جماعة من أهل السنة من الشافعية والحنفية، واختاره الإمام فخر الدين في "محصوله" وجعله من القواعد الكلية، فليس المذهب مختصاً بهم كما زعم.
وقال القاضي: الآية تقتضي إباحة الأشياء النافعة ولا يمنع اختصاص بعضها لأسباب عارضة، فإنه يدل على أن الكل للكل، لا أن كل واحد لكل واحد، والتعيين إنما يستفاد من دليل منفصل. وكذا عن الإمام.

الصفحة 419