كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(وَإِذْ) نصب بإضمار "اذكر"، ويجوز أن ينتصب بـ (قالوا). والملائكة: ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الرتبة كما في قوله تعالى: (ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد: 17]، فإن اسم "كان" ضمير يرجع إلى فاعل: (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) [البلد: 11] وهو الإنسان الكافر، وقوله: (فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ* أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ) [البلد: 13 - 16] تفسير للعقبة، والترتيب الظاهري يوجب تقديم الإيمان عليهما، لكن "ثم" ها هنا للتراخي في الرتبة.
وثانيهما: أن قولنا: إنه تعالى لم يحدث فيما بين ذلك شيئاً، لا يقتضي التعاقب.
قال الإمام: "ثم" ها هنا من جهة تعديد النعم كما تقول لصاحبك: أليس قد منحتك هذا، ثم رفعت منزلتك، ثم دفعت الخصوم عنك! ولعل بعض ما أخره قد تقدم. فـ "ثم" على هذا مجاز لمجرد التعاقب.
قوله: ((وَإِذْ) نصب بإضمار "اذكر") قال القاضي: "إذ" ظرف وضع لزمان نسبة ماضية وقع فيه أخرى، كما وضع "إذا" لزمان نسبة مستقبلة وقع فيه أخرى، واستعملتا للتعليل والمجازاة، ولذلك يجب إضافتهما إلى الجمل كحيث في المكان، ومحلهما النصب على الظرفية أبداً. وفيه نظر؛ لأن "إذا" قد تقع اسماً كما تقول: إذا يقوم زيد، إذا يقعد عمرو.
قوله: (ويجوز أن ينتصب بـ (قَالُوا)) والأول أوجه؛ لأن تقدير "اذكر" يقتضي تذكيراً متجدداً فيكون كقصة مستقلة، ولا كذلك العطف فيكون قوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ) [البقرة: 29] تذكيراً لدلائل الآفاق، وهذه لدلائل الأنفس؛ إما على سبيل كونها نعمة من الله تعالى، أو هي بنفسها آيات. وقد سبق أن هذه الآية كالبيان لقوله: (وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ) من جهة النعمة والآية. ويحصل بالتفرقة الترقي من الأدنى إلى الأعلى، أما كونها

الصفحة 423