كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

والتسبيح: تبعيد اللَّه عن السوء، وكذلك تقديسه، من سبح في الأرض والماء. وقدس في الأرض: إذا ذهب فيها وأبعد. و (بِحَمْدِكَ) في موضع الحال، أى نسبح حامدين لك وملتبسين بحمدك لأنه لولا إنعامك علينا بالتوفيق واللطف لم نتمكن من عبادتك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والتسبيح: تبعيد الله من السوء)، الراغب: التسبيح: أصله من السبح وهو سرعة الذهاب في الماء، واستعير لجري النجوم في الفلك، ولجري الفرس. وتسبيح الله تعالى: تنزيهه بالقول والحكم، وسبحان: مصدر ككفران، ومعنى (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) أي: نسبحك والحمد لك أو نسبحك بأن نحمدك.
وقال السيد ابن الشجري: إن شئت علقت الباء بالتسبيح، أي: نسبح بالثناء عليك، وإن شئت قدرت: نسبح متلبسين بحمدك.
قوله: (لأنه لولا إنعامك علينا بالتوفيق [واللطف] لم نتمكن من عبادتك) تعليل لتقييد التسبيح بالحمد، أي: تسبيحنا مقيد بشكرك وملتبس به، يعني لولا الحمد لم يصدر الفعل، إذ كل حمد من المكلف يستجلب نعمة متجددة، ويستصحب توفيقاً إلهياً، ومنه قول داود عليه السلام: يا رب، كيف أقدر أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكر نعمتك إلا بنعمتك. وأنشد:

الصفحة 429