كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) [البقرة: 31]، (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) [البقرة: 33]، فكما علق الإنباء بالأسماء لا بالمسميات ولم يقل: أنبؤنى بهؤلاء، وأنبئهم بهم، وجب تعليق التعليم بها. فان قلت: فما معنى تعليمه أسماء المسميات؟ قلت: أراه الأجناس التي خلقها، وعلمه أن هذا اسمه فرس، وهذا اسمه بعير، وهذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا، وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أن الاسم هو المسمى. وقوله (ثُمَّ عَرَضَهُمْ) دليل عليه، فإن المعروض المسميات بالاتفاق، وأيضاً فإن معرفة الذوات وما أودع فيها من الخواص والأسرار أهم من معرفة أسمائها، وغاية ما في قوله: (بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء) الإضافة المقتضية للمغايرة، وهو عندنا مثل قولك: نفس زيد، وحقيقته، والمراد: أنبئوني بحقائق هؤلاء، فإن الحقائق والذوات أعم من أسماء هؤلاء المشار إليهم، وهذا هو المصحح للإضافة. وعلى الجملة، الخلاف في هذه المسالة لفظي.
وقال القاضي: الاسم باعتبار الاشتقاق ما يكون علامة للشيء ودليلاً يرفعه إلى الذهن من الأسماء والصفات والأفعال. واستعماله عرفاً في اللفظ الموضوع لمعنى سواء كان مركباً أو مفرداً مخبراً عنه أو خبراً أو رابطة بينهما. واصطلاحاً: في المفرد الدال على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة. والمراد في الآية إما الأول، أو الثاني وهو يستلزم الأول؛ لأن العلم بالألفاظ من حيث الدلالة متوقف على العلم بالمعاني. المعنى: أنه تعالى خلق آدم، وألهمه معرفة ذوات الأشياء وخواصها وأسمائها وأصول العلوم وقوانين الصناعات وكيفية آلاتها. وقلت: هذا المعنى مفهوم من كلام المصنف من قوله: "أراه الأجناس التي خلقها وعلمه" إلى آخره.
وقال القاضي: الاسم إن أريد به اللفظ فغير المسمى؛ لأنه يتألف من أصوات مقطعة غير قارة، ويختلف باختلاف الأمم والأعصار، ويتعدد تارة ويتحد أخرى، والمسمى لا يكون

الصفحة 431