كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(ثُمَّ عَرَضَهُمْ) أي: عرض المسميات. وإنما ذكر لأن في المسميات العقلاء فغلبهم. وإنما استنبأهم وقد علم عجزهم عن الإنباء على سبيل التبكيت.
(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) يعني: في زعمكم أني أستخلف في الأرض مفسدين .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذلك. وإن أريد به ذات الشيء، فهو المسمى لكنه لم يشتهر بهذا المعنى، وقوله تعالى: (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ) [الأعلى: 1] المراد به اللفظ؛ لأنه كما يجب تنزيه ذاته تعالى وصفاته عن النقائص، يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن سوء الأدب. وإن أريد به الصفة كما هو رأي الشيخ أبي الحسن الأشعري، انقسم انقسام الصفة عنده: إلى ما هو نفس المسمى، وإلى ما هو غيره، وإلى ما ليس هو ولا غيره.
وقلت: إن أريد به التحدي فبمجرد تعليم الأسماء يحصل المقصود، وإن أريد به إظهار الشرف والمزية كقوله تعالى: (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة: 11] فلابد من تعليم الحقائق، وهو الظاهر. وفي "إيجاز البيان": "وقع التعليم بالوحي في أصول الأسماء والمصادر ومبادئ الأفعال والحروف عند حصول أول اللغة في الاصطلاح، ثم بزيادة الهداية في التصريف والاشتقاق، فأفادت هذه الآية أن علم اللغة فوق التحلي بالعبادة، فكيف علم الشريعة التي هي الحكمة! ".
قوله: (على سبيل التبكيت)، الأساس: بكته بالحجة، وبكته: غلبه بالحجة وألزمه ما عي بالجواب عنه؛ لأن الملائكة إذا سئلوا بقوله: (أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء) لا محيد لهم إلا أن يقولوا: لا علم لنا.
قوله: ((إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ) [يعني]: في زعمكم أني أستخلف في الأرض مفسدين). فإن

الصفحة 432