كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

إلا أنه جاء به على وجه أبسط من ذلك وأشرح.
وقرئ: (وعُلّم آدمُ)، على البناء للمفعول. وقرأ عبد اللَّه: (عَرَضَهُن). وقرأ أُبىّ: (عَرَضَهَا). والمعنى عرض مسمياتهن أو مسمياتها: لأن العرض لا يصح في الأسماء. وقرئ: (أنبيِهِم)، بقلب الهمزة ياء (وأنبِهم)، بحذفها والهاء مكسورة فيهما.
[(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ* وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ* فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ*)].
السجود للَّه تعالى على سبيل العبادة، ولغيره على وجه التكرمة، .........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (على وجه أبسط) لأنه قال أولاً: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) ثم قال: (إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) الآية [البقرة: 33] وإنما قال: "أبسط من ذلك" ولم يقل: بيان له، لأن معلومات الله سبحانه وتعالى لا نهاية لها، وغيب السماوات والأرض وما يبدونه وما يكتمونه لم يكن قطرة من تلك الأبحر، لكنه نوع بسط لذلك المجمل.
قال القاضي: إنما أجري على وجه أبسط ليكون كالحجة عليهم، فإنه تعالى لما علم ما خفي عليهم من أمور السماوات والأرض وما ظهر لهم من أحوالهم الظاهرة والباطنة، علم ما لا يعلمون، وفيه تعريض بمعاتبتهم على ترك الأولى، وهو أن يتوقفوا مترصدين أن يبين لهم.
قوله: (على وجه التكرمة). قال القاضي: هذا المسجود له بالحقيقة الله تعالى، وجعل آدم قبلة سجودهم تفخيماً لشأنه، أو سبباً لوجوبه، وكأنه تعالى لما خلقه بحيث يكون المسجود

الصفحة 436