كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

تأكيد للمستكن في: (اسْكُنْ) ليصح العطف عليه. و (رَغَداً) وصف للمصدر، أي أكلاً رغداً واسعا رافها. و (حَيْثُ) للمكان المبهم، أي: أيّ مكان من الجنة (شِئْتُما) أطلق لهما الأكل من الجنة على وجه التوسعة البالغة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ليصح العطف عليه) فإن قيل: كيف يصح العطف "وزوجك" لا يرتفع باسكن، فإنك لا تقول: اسكن غلامك؛ لأن الغائب لا يؤمر بلفظ الحاضر فيقال: قد اندرج الغائب في حكم الحاضر لقضية العطف على سبيل التغليب فينسحب عليه حكمه.
قال القاضي: إنما لم يخاطبها أولاً تنبيهاً على أنه المقصود بالحكم، والمعطوف تبع له.
الراغب: إن قيل: ما الفرق بين أن يقال: افعل أنت وقومك كذا، وبين أن يقال: افعلوا كذا؟ قيل: الأول تنبيه على أن المقصود بالحكم هو المخاطب والباقون تبع له، وأنه لولاه لما كانوا مأمورين بذلك، وعلى نحوه: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى) [طه: 49] وليس كذا إذا قال: افعلوا.
قوله: (على وجه التوسعة) أي: بالغ في جانب الأمر ليكون مزيلاً للعذر في التناول، وبالغ أيضاً في النهي حيث قال: (وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ) [البقرة: 35] يعني لا تحوما حولها فضلاً عن أن تتناولا بالأكل، وميزها أكمل تمييز بقوله: "هذه"، وجعل القربان منها سبباً لأن يكونا من زمرة الظالمين، ومنخرطين في سلكهم.
الراغب: القصد بالنهي عن قرب الشيء تأكيد للحظر ومبالغة في النهي، وذلك أن القرب من الشيء مقتض للألفة، والألفة داعية للمحبة، ومحبة الشيء كما قيل: حبك الشيء

الصفحة 440