كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(مِنَ الظَّالِمِينَ) من الذين ظلموا أنفسهم بمعصية اللَّه (فَتَكُونا) جزم عطف على: (تَقْرَبا) أو نصب جواب للنهى. الضمير في: (عَنْها) للشجرة. أي فحملهما الشيطان على الزلة بسببها. وتحقيقه: فأصدر الشيطان زلتهما عنها. و «عن» هذه مثلها في قوله تعالى: (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) [الكهف: 82]. وقوله:
يَنهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وعَنْ شُرْبِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الفائق": البربرة: كثرة الكلام ويحكى أن إفريقيس أبا بلقيس غزا البربر فقال: ما أكثر بربرتهم، فسموا بذلك.
قوله: (فحملهما الشيطان على الزلة بسببها) يشير أن "أزلهما"- على أن يكون الضمير في "عنها" للشجرة- متضمن لمعنى "أصدر"، و"عن" حينئذ للسببية، كما في قوله: "ينهون عن أكل وعن شرب" أي: إن الشيطان إنما قدر على إصدار الزلة عن الشجرة بسبب الوسوسة بأن يقول: هذه شجرة الخلد، فكلا لتخلدا، أو لأن أكلها سبب لصيرورتكما ملكين، هذا هو المراد بقوله: "فحملهما الشيطان على الزلة بسببها" أي: بسبب الشجرة.
قوله: ((وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)) أي: ما أصدرت ما فعلته عن اجتهادي ورأيي، وإنما فعلته بأمر الله.
قوله: (ينهون عن أكل وعن شرب) قبله:
يمشون دسماً حول قبته
ينهون، أي: يتناهون في السمن. الأساس: انتهى الشيء: بلغ النهاية وتناهى البعير سمناً، وجمل نهي، وناقة نهية. يقول: إن كون الأضياف متناهين صدر بسبب الأكل والشرب. يصف مضيافاً صدر عنه الأضياف شباعاً.

الصفحة 442