كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

يجوز أن يمنع دخولها على جهة التقريب والتكرمة كدخول الملائكة، ولا يمنع أن يدخل على جهة الوسوسة ابتلاء لآدم وحواء. وقيل: كان يدنو من السماء فيكلمهما. وقيل: قام عند الباب فنادى. وروى أنه أراد الدخول فمنعته الخزنة، فدخل في فم الحية حتى دخلت به وهم لا يشعرون.
قيل: (اهْبِطُوا): خطاب لآدم وحواء وإبليس: وقيل والحية. والصحيح أنه لآدم وحواء والمراد هما وذريتهما، لأنهما لما كانا أصل الإنس ومتشعبهم جعلا كأنهما الإنس كلهم. والدليل عليه قوله: (قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [طه: 123]، ويدل على ذلك قوله: (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) [البقرة: 38 - 39]. وما هو إلا حكم يعم الناس كلهم.
ومعنى (بعضكم لبعض عَدُوٌّ) ما عليه الناس من التعادي والتباغي وتضليل بعضهم لبعض. والهبوط: النزول إلى الأرض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يجوز أن يمنع دخولها على جهة التقريب والتكرمة) يريد أن الأمر بالخروج معلل بقوله: (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) [الحجر: 34] فدل على أن الجنة دار المقربين فلا يسكنها اللعين، فإذا دخل لغير التكرمة لا تمنع منه. ويمكن أن يعبر بالأمر عن مطلق الطرد والإهانة، فلا يلزم على هذا وجوب الخروج.
قوله: (ومعنى (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [البقرة: 36] ما عليه الناس من التعادي والتباغي). وقال القاضي: "بعضكم لبعض" حال استغني فيها عن الواو بالضمير. أي: متعادين.

الصفحة 444