كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(مُسْتَقَرٌّ): موضع استقرار، أو استقرار ومَتاعٌ وتمتع بالعيش إِلى حِينٍ يريد إلى يوم القيامة. وقيل إلى الموت.
[(فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ* قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)]. [37 - 39]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: وقوله: (وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (حال مقدرة أيضاً، ويجوز أن يكون قوله: (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) جملة مستأنفة على تقدير السؤال.
قوله: (يريد إلى يوم القيامة. وقيل: إلى الموت) والوجه الأول يشكل بمعنى قوله: "متاع" بمعنى "تمتع بالعيش" قال صاحب الكواشي: لكل إنسان مكان في الأرض يستقر فيه، ويتمتع بما قسم له فيه مدة حياته وبعد مماته.
قلت: هذا معنى قوله تعالى في "الأعراف": (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ* قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ) [الأعراف: 24 - 25] فالمتاع بمعنى التحقير في الاستمتاع والتقليل في المكث على نحو قوله تعالى: (إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) [غافر: 39]. ويمكن أن يجعل المتاع بمعنى التمتع في العيش على تقدير حصول الثواب والعقاب للمؤمن والكافر في القبر. وأما تمتع الكافر فعلى التهكم والتغليب. والوجه الأول أظهر.
وقوله: (إِلَى حِينٍ) متعلق بخبر المبتدأ وهو قوله: "لكم"، أي: مستقر ثبت لكم إلى حين، فإذا جعل (مُسْتَقَرٌّ) بمعنى المصدر، وكذا "متاع" يجوز تعلقه بهما، ولا يجوز إذا أريد موضع

الصفحة 445