كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

[(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ* وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ)].
إِسْرائِيلَ هو يعقوب عليه السلام لقب له، ومعناه في لسانهم: صفوة اللَّه، وقيل عبد اللَّه. وهو بزنة إبراهيم وإسماعيل غير منصرف مثلهما لوجود العلمية والعجمة. وقرئ إسرائل، وإسرائلّ. وذِكرهم النعمة: أن لا يخلوا بشكرها، ويعتدّوا بها، ويستعظموها، ويطيعوا ماتحها. وأراد بها ما أنعم به على آبائهم مما عدّد عليهم: من الإنجاء من فرعون وعذابه ومن الغرق. ومن العفو عن اتخاذ العجل، والتوبة عليهم، وغير ذلك، وما أنعم به عليهم من إدراك زمن محمد صلى اللَّه عليه وآله وسلم المبشر به في التوراة والإنجيل. والعهد يضاف إلى المعاهِد والمعاهَد جميعا. يقال أوفيت بعهدي، أى بما عاهدت عليه كقوله: (وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ) [التوبة: 111] وأوفيت بعهدك: أى بما عاهدتك عليه. ومعنى (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) وأوفوا بما عاهدتموني عليه من الإيمان بى والطاعة لي، كقوله: (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ) [الفتح: 10]، (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ) [التوبة: 75]، (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) [الأحزاب: 23]، (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ): بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب على حسناتكم (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) فلا تنقضوا عهدى. وهو من قولك: زيداً رهبته،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (مما عدد عليهم) بيان "ما أنعم"، و"من الإنجاء" بيان "ما عدد"، و"من العفو" عطف على "من الإنجاء".
قوله: (وأوفوا بما عاهدتموني عليه) خبر قوله: "ومعنى (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) ".
قوله: (وهو من قولك: زيداً رهبته) أي: من باب الإضمار على شريطة التفسير. قال الزجاج: إياي: نصب بالأمر كأنه قال: ارهبوني، ويكون الثاني مفسراً لهذا الفعل.

الصفحة 452