كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

ويجوز أن يريد بقوله: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) ما عاهدوا عليه ووعدوه من الإيمان بنبىّ الرحمة والكتاب المعجز. ويدل عليه قوله: (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) أوّل من كفر به، أو أول فريق أو فوج كافر به، أو: ولا يكن كل واحد منكم أوّل كافر به، كقولك: كسانا حلة، أي كل واحدٍ منا .........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يريد) عطف على قوله: "ومعنى وأوفوا بعهدي" وعلى الأول العهد عام كما في قوله تعالى: (فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى)، وعلى هذا خاص، والآيات الثلاث المستشهد بها لأجل أن العهد مع الله تعالى فحسب. ولما كان عطف قوله: (وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ) [البقرة: 41] على سبيل البيان على هذا الوجه ظاهراً، قال: "ويدل عليه قوله: وآمنوا" لما يفهم من الأمر بالإيمان بالمنزل أن المراد بالأمر السابق الأمر بالإيمان بالمنزل عليه، وأنه نبي الرحمة بناءً على أن عطف الخاص يخصص العام، وأما على الأول فهو من عطف الخاص على العام، وجعل الأول توطئة للثاني؛ تنبيهاً على علو مرتبة هذا المنزل ونباهة منزلة هذا المنزل عليه، وفضله على سائر المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.
قوله: (أو: أول فريق، أو فوج ... ، أو: ولا يكن كل واحد) إنما قدر هذه التقادير لما أن خبر كان مفرد لفظاً، والاسم جماعة. قال القاضي: أول: أفعل لا فعل له، وقيل: أصله "أوأل" من: وأل، فأبدلت همزته واواً تخفيفاً غير قياسي، أو أأول من آل فقلبت همزته واواً وأدغمت.

الصفحة 455