كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

ونحوه: (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء: 67]. (وَاسْتَعِينُوا) على حوائجكم إلى اللَّه (بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) أي: بالجمع بينهما، وأن تصلوا صابرين على تكاليف الصلاة، محتملين لمشاقها وما يجب فيها - من إخلاص القلب، وحفظ النيات، ودفع الوساوس ومراعاة الآداب، والاحتراس من المكاره مع الخشية والخشوع، واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبار السموات، ليسأل فك الرقاب عن سخطه وعذابه. ومنه قوله تعالى: (وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) [طه: 132] أو: واستعينوا على البلايا والنوائب بالصبر عليها والالتجاء إلى الصلاة عند وقوعها. وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم .....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مطلق يجري مجرى اللازم. قال القاضي: العقل في الأصل الحبس، سمي به إدراك الإنسان؛ لأنه يحبسه عما يقبح، ويعقله على ما يحسن، ثم القوة التي بها النفس تدرك هذا الإدراك. المعنى: فلا عقل لكم يحبسكم عما تعلمون وخامة عاقبته، أو: أفلا تعقلون قبح صنيعكم فيصدكم عنه.
قوله: (وأن تصلوا صابرين) عطف تفسيري على قوله: "بالجمع بينهما" وكذا قوله: "وأن يستعان" عطف على قوله: "الدعاء"، والضمير في قوله: "بأنه انتصاب" راجع إلى الصلاة، والتذكير باعتبار الخبر لا إلى الجمع كما ظن؛ لأنه متعلق بقوله: "واستحضار العلم"، وهو عطف على "إخلاص القلب فيها"، و"ليسأل" تعليل "انتصاب"، وإنما قدم الصبر على الصلاة لأنه لا يمكن حصول الصلاة كاملة إلا بالصبر.

الصفحة 464