كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

ولذلك فسر (يظنون) بـ: يتيقنون. وأما من لم يوقن بالجزاء ولم يرج الثواب، كانت عليه مشقة خالصة فثقلت عليه كالمنافقين والمراءين بأعمالهم. ومثاله من وعد على بعض الأعمال والصنائع أجرة زائدة على مقدار عمله، فتراه يزاوله برغبة ونشاط وانشراح صدر ومضاحكة لحاضريه، كأنه يستلذ مزاولته بخلاف حال عامل يتسخره بعض الظلمة. ومن ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم (وجعلت قرّة عيني في الصلاة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولذلك فسر (يَظُنُّونَ) بـ: يتيقنون) أي: ولأجل ما قرأ عبد الله: (يعلمون) - ومعناه ما ذكر- فسر يظنون بـ: يتيقنون، قال: الظن ها هنا بمعنى اليقين. ولو كانوا شاكين كانوا ضلالاً كافرين، والظن بمعنى اليقين موجود، قال دريد بن الصمة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرد
قوله: (وأما من لم يوقن بالجزاء ولم يرج الثواب كانت عليه مشقة) هذا يعلم من مفهوم قوله: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة: 45]، لأنه في معنى: لا يهون على أحد إلا على الخاشعين، فإنه استثناء مفرغ من كلام موجب فلابد من تأويل.
قوله: (يتسخره بعض الظلمة)، الجوهري: تسخره: كلفه عملاً بغير أجرة.
قوله: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) الحديث من رواية النسائي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حبب إلي الطيب والنساء، وجعل قرة عيني في الصلاة".

الصفحة 467