كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

الخشعة للرملة المتطامنة. وأما الخضوع فاللين والانقياد. ومنه: خضعت بقولها إذا لينته.
[(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ* وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)].
وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ نصب عطف على: (نِعْمَتِيَ) أى اذكروا نعمتي وتفضيلي عَلَى الْعالَمِينَ على الجم الغفير من الناس، كقوله تعالى: (بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء: 71] يقال: رأيت عالما من الناس يراد الكثرة يَوْماً يريد يوم القيامة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوجد على الجوارح، والضراعة أكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب، ولذلك قيل فيما روي: "إذا ضرع القلب خشعت الجوارح" (تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً) [فصلت: 39] كناية.
قوله: (خضعت بقولها: إذا لينته) مأخوذ من قوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) [الأحزاب: 32].
قوله: (على الجم الغفير من الناس) ذهب الإمام: أن الآية بظاهرها تدل على أن يكونوا أفضل من الصحابة، وليس كذلك.
وقلت- والله أعلم-: "العالمين" كما سبق: اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين، أو لكل ما علم به الخالق، وهو عام يقبل التخصيص بالعلم بالبعض من أربعة أوجه:
أحدها: من حيث الأشخاص، وهو المراد بقوله: "على الجم الغفير من الناس" وهو مجاز من باب إطلاق الكل على الأكثر نحو قوله تعالى: (وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [النمل: 16] (وَأُوتِيَتْ مِنْ

الصفحة 469