كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كُلِّ شَيْءٍ) [النمل: 23] فعلى هذا يلزم تفضيلهم على غير الصحابة رضوان الله عليهم وهم الجم الغفير.
وثانيها: من حيث المكان كما في الآية المستشهد بها (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 71] أي: أهل الشام، كقوله تعالى: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) [الإسراء: 1] ولا يجوز حمل الآية عليه.
وثالثها: أن يختص بالبعض بحسب اختصاص أمر ما. قال الإمام: "العالمين" عام لكنه مطلق في الفضل، والمطلق يكفي في صدقه صورة واحدة، فيلزم أن يكونوا أفضل من غيرهم في أمر واحد، وغيرهم أفضل منهم فيما عدا ذلك الأمر.
وقلت: هذا بعيد؛ لأن سياق الكلام لبيان الامتنان عليهم وتعداد النعم الفائقة، وهذا إنما يمكن إذا حملنا التفضيل على غير الصحابة من الجم الغفير.
ورابعها: خص به بحسب اعتبار الزمان. قال محيي السنة: "على العالمين" أي: عالمي زمانهم، وذلك التفضيل وإن كان في حق الآباء لكن يحصل به الشرف للأبناء. وقال القاضي: يريد به تفضيل آبائهم الذين كانوا في عصر موسى عليه السلام وبعده قبل أن يغيروا، بما منحهم من العلم والإيمان، وجعلهم أنبياء وملوكاً مقسطين.
وقلت: الحق هذا الوجه، وقضية النظم شاهدة بذلك، وبيانه أن المصنف كثيراً ما يذهب إلى أن الكلام إذا كرر كان للتأكيد، ولما يناط به من زيادة ليست مع الأول، وها هنا كرر نداءهم بقوله: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) [البقرة: 40] فعلق بها:

الصفحة 470