كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

ويجوز أن يكون في موضع مصدر، أي قليلاً من الجزاء، كقوله تعالى: (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) [مريم: 60]، ومن قرأ (لا تجزئ) من أجزأ عنه إذا أغنى عنه، فلا يكون في قراءته إلا بمعنى شيئا من الإجزاء. وقرأ أبو السرار الغنوي: لا تجزى نسمة عن نسمة شيئا. وهذه الجملة منصوبة المحل صفة ليوما. فإن قلت: فأين العائد منها إلى الموصوف؟ قلت: هو محذوف تقديره: لا تجزى فيه. ونحوه ما أنشده أبو علي:
تَرَوَّحِى أَجْدَرُ أَنْ تَقِيلِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أفتجزي عني؟ قال: "نعم، ولن تجزي عن أحد بعدك"، الحديث وفي "مسند أحمد بن حنبل" نحوه. الجذع من الشاة، ما دخل في السنة الثانية. ابن نيار بكسر النون وتخفيف الياء والراء.
قوله: (أي: قليلاً من الجزاء) فعلى هذا نزل المتعدي منزلة اللازم للمبالغة، ومن ثم استشهد بقراءة من قرأ "لا تجزئ" من: أجزأ عنه.
قوله: (فلا يكون في قراءته إلا بمعنى: شيئاً من الإجزاء) أي: بمعنى المصدر، لأنه لازم تعدى إلى المفعول به بـ "عن".
قوله: (تقديره: لا تجزي فيه) قال الزجاج: وحذف "فيه" ها هنا جائز؛ لأن "في" مع الظروف محذوفة تقول: أتيتك اليوم، وأتيتك في اليوم. فإذا أضمرت قلت: أتيتك فيه، ويجوز أتيتكه، ولو قلت: الذي تكلمت فيه زيد، لم يجز: الذي تكلمت زيد بدله.
قوله: (تروحي أجدر أن تقيلي) تمامه:
غداً بجنبي بارد ظليل

الصفحة 472