كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

أي تدوسها ونحن راكبوها. وروى أنّ بنى إسرائيل قالوا لموسى: أين أصحابنا لا نراهم؟ قال: سيروا فإنهم على طريق مثل طريقكم. قالوا: لا نرضى حتى نراهم. فقال: اللهم أعنى على أخلاقهم السيئة. فأوحى إليه: أن قل بعصاك هكذا، فقال بها على الحيطان، فصارت فيها كوى. فتراموا وتسامعوا كلامهم (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إلى ذلك وتشاهدونه لا تشكون فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصدورهم، ونحن عليها ولم تنفر. فالظرف على هذا مستقر. وعلى الوجهين لغو. وفرق بين الباء السببية والاستعانة، فإن باء الاستعانة كالآلة، وأن البحر فرق بواسطتهم. والسببية آذنت بأن الله تعالى فرقه بسببهم ولأجل إنجائهم، لكن ليس فيه أنه فرق بواسطتهم أم بشيء آخر. وعلى الملابسة ليس فيها نصوصية الأمر، قال السلمي: أما الاستعانة فنحو: كتبت بالقلم، وهذا في كل موضع اتصلت بآلة متوسطة بين الفاعل والمفعول، وأما المصاحبة فنحو: خرج زيد بثيابه، وتكون سببية نحو: أخذت بذنبه، أي: بسببه، وأما التعدية فنحو: خرجت به.
قوله: (أن قل بعصاك)، النهاية: العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال، وتطلقه على غير الكلام، فتقول: قال بيده، أي: أخذ، وقال برجله، أي: مشى، وقال بثوبه، أي: رفعه، وقال بالماء على يده، أي: قلب، ويقال: قال بمعنى مال وأقبل وضرب وغير ذلك.
قوله: ((وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ) إلى ذلك وتشاهدونه لا تشكون فيه) جعل "تنظرون" من النظر بالبصر، والظاهر الإطلاق.
الراغب: النظر نظران: نظر بصر، ونظر بصيرة، والأول كالخادم للثاني، والنظر أصله

الصفحة 483