كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

أو التوراة. والبرهان: الفارق بين الكفر والإيمان من العصا واليد وغيرهما من الآيات، أو الشرع الفارق بين الحلال والحرام، وقيل الفرقان: انفراق البحر. وقيل: النصر الذي فرّق بينه وبين عدوّه، كقوله تعالى: (يَوْمَ الْفُرْقانِ) [الأنفال: 41]، يريد به يوم بدر.
حُمل قوله (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) على الظاهر وهو البخع. وقيل: معناه قتل بعضهم بعضاً. وقيل: أمر من لم يعبد العجل أن يقتلوا العبدة. وروى أن الرجل كان يبصر ولده ووالده وجاره وقريبه، فلم يمكنهم المضي لأمر اللَّه تعالى، .....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو التوراة والبرهان الفارق) وهو عطف على قوله: "الجامع بين كونه كتاباً" أي: المراد بمجموع اللفظين التوراة، أو يراد بالكتاب التوراة، وبالفرقان البرهان الفارق، وهو غير التوراة لبيانه بقوله: "من العصا واليد"، فتحصل المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه إذن.
قوله: (أو الشرع) عطف على قوله: "البرهان الفارق" فإذن العطف إما من باب قوله: (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ) [البقرة: 98] أو من باب التجريد؛ لأن التوراة مشتملة على الشرع الفارق بين الحلال والحرام، فجرد منها هذه الصفة لكمالها فيها، ثم عطف عليها وهي هي. قال الزجاج: يجوز أن يكون "الفرقان" الكتاب بعينه إلا أنه أعيد ذكره، وعنى به أنه يفرق بين الحق والباطل. قال المصنف في (ص): هو اسم السورة (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) السورة بعينها، كما تقول: مررت بالرجل الكريم وبالنسمة المباركة، ولا تريد بالنسمة غير الرجل.
قوله: (البخع)، الأساس: بخع الشاة: بلغ بذبحها القفا، ومن المجاز: بخعه الوجد إذا بلغ منه المجهود.
قوله: (فلم يمكنهم المضي لأمر الله تعالى). الراغب: وقد طعن بعض الملحدة وزعم أن قتل النفس مستقبح في العقل، وهذا الجاهل إنما استقبحه لكونه جاهلاً بأن لنفوسنا خالقاً،

الصفحة 487