كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

فخرُّوا صعقين ميتين يوما وليلة. وموسى عليه السلام، لم تكن صعقته موتاً ولكن غشية، بدليل قوله: (فلما أفاق) [الأعراف: 143]. والظاهر أنه أصابهم ما ينظرون إليه لقوله (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
وقرأ علىّ رضى اللَّه عنه: (فأخذتكم الصاعقة).
(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمة البعث بعد الموت، أو نعمة اللَّه بعد ما كفرتموها إذا رأيتم بأس اللَّه في رميكم بالصاعقة وإذاقتكم الموت .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتشبيههم بعبدة العجل إن كان بسبب طلب الرؤية لا يصح، فإن موسى عليه السلام طلبها في المرة الأولى عند مجيئه إلى الطور، ولم يكن معه القوم كما بيناه في "الأعراف"، وإن كان للصعقة فهو كذلك، وإن كان بسبب قولهم: "لن نؤمن لك" فحق، وإنما سلط الله عليهم الصعقة لأنهم امتنعوا من الإيمان بموسى بعد إظهاره المعجزات، والإيمان بالأنبياء واجب بعد إثباتهم النبوة بإظهار المعجزة، ولا يجوز لهم بعد ذلك اقتراح المعجزات؛ لأنه باب من التعنت، ولهذا عاقبهم الله تعالى.
قوله: (لم تكن صعقته موتاً ولكن غشية بدليل قوله: (فَلَمَّا أَفَاقَ) [الأعراف: 143]) هذا يوهم أن صعقته كانت في هذه المرة بل صعقته وإفاقته في المرة الأولى كما بيناه في "الأعراف".
قوله: ((لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمة البعث) وكون البعث نعمة ما ذكره الزجاج: بعثكم بعد الموت، وأعلمكم أن قدرته عليكم هذه، وأن الإقالة بعد الموت، أي: الإعادة لا شيء بعدها، أي: لا نعمة أظهر منها، وهي كالمضطرة إلى عبادة الله.
قوله: (أو نعمة الله بعدما كفرتموها) والنعمة على هذا إيمانهم قبل [ما] رادهم موسى،

الصفحة 494