كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

بدخولها بعد التيه. الْبابَ: باب القرية. وقيل: هو باب القبة التي كانوا يصلون إليها - وهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى عليه الصلاة والسلام- أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب شكراً للَّه وتواضعاً. وقيل: السجود: أن ينحنوا ويتطامنوا داخلين؛ ليكون دخولهم بخشوع وإخبات. وقيل: طوطئ لهم الباب ليخفضوا رؤسهم فلم يخفضوها، ودخلوا متزحفين على أوراكهم. (حِطَّةٌ) فِعلة من الحط كالجِلسة والرِّكبة، وهي خبر مبتدأ محذوف، أي مسألتنا حطة، أو أمرك حطة. والأصل النصب بمعنى: حطّ عنا ذنوبنا حطة. وإنما رفعت لتعطى معنى الثبات، كقوله:
صَبْرٌ جَمِيلٌ فَكِلَانَا مُبْتَلَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (طؤطئ لهم الباب) أي: خفض وحط، الأساس: طأطأت يدي بعنان الفرس: إذا خفضت يدك ولم ترفعها. ومن المجاز: طأطأت المرأة سترها: حطته.
قوله: ((حِطَّةٌ) فعلة من الحط) قال صاحب "الإقليد": فعلة في صرفها مذهبان: منهم من يعطيها حكم نفسها فيمنعهما من الصرف للعلمية والتأنيث، وهو مذهب المصنف ووجهه لما كانت علماً باعتبار الجنس بقيت على علميتها، وإن أطلق على واحد، كأسامة إذا أطلقت على واحد من الآساد، ومنهم من يعطيها حكم موزونها فيقول: وزن ناصرة: فاعلة بالتنوين؛ لأن باب "أسامة" في جريه علماً على كل واحد من المشكلات، لكونه في المعنى نكرة.
قوله: (أو أمرك حطة) أي: شأنك حطة، أي: حط الذنوب.
قوله: (صبر جميل فكلانا مبتلى) أوله:
شكا إلي جملي طول السرى ... يا جملي ليس إلي المشتكى

الصفحة 496