كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

والأصل: صبراً على اصبر صبراً. وقرأ ابن أبي عبلة بالنصب على الأصل. وقيل: معناه: أمرنا حِطة، أي: أن نحُط في هذه القرية ونستقرّ فيها. فإن قلتُ: هل يجوز أن تُنصب حطة في قراءة من نصبها بـ (قولوا)، على معنى: قولوا هذه الكلمة؟ قلت: لا يبعد. والأجود أن تنصب بإضمار فعلها، وينتصب محل ذلك المضمر بـ (قولوا). وقرئ (يُغفر لكم) على البناء للمفعول بالياء والتاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: معناه: أمرنا حطة) قال الإمام: هذا قول أبي مسلم الأصفهاني معناه: أمرنا حطة، أي: نحط في هذه القرية ونستقر فيها، وزيف القاضي ذلك، قال: لو كان المراد ذلك لم يكن غفران خطاياهم متعلقاً به، وقوله: (وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ) [البقرة: 58] يدل على أن غفران الخطايا كان لأجل قولهم حطة. وقال الإمام: ويمكن الجواب عنه: بأنهم لما حطوا في تلك القرية حتى يدخلوا سجداً مع التواضع، كان الغفران متعلقاً به.
وقلت: يشكل بقوله تعالى: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) [البقرة: 59] ويمكن أن يقال: إن الأمر بذلك القول كان لمحض التعبد، وحين لم يعرفوا وجه الحكمة بدلوه بما اتجه لهم من الرأي، فعذبوا لذلك.
قوله: (وقرئ "يغفر لكم") بالياء التحتانية: نافع، وبالتاء: ابن عامر.

الصفحة 497