كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

كان من أسّ الجنة طوله عشرة أذرع على طول موسى، وله شعبتان تتقدان في الظلمة، وكان يحمل على حمار. (فَانْفَجَرَتْ) الفاء متعلقة بمحذوف، أي فضرب فانفجرت. أو فإن ضربت فقد انفجرت، كما ذكرنا في قوله: (فَتابَ عَلَيْكُمْ) [البقرة: 54]، وهي على هذا فاء فصيحة لا تقع إلا في كلام بليغ. وقرئ: (عَشِرَة) بكسر الشين وبفتحها .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من أس الجنة) قيل في هذه الرواية إشكال؛ لأن هذا مذكور في وصف العصا في عامة التفاسير، وأن عصاه كان من آس الجنة بالمد، طوله عشرة أذرع على طول موسى، وله شعبتان تتقدان في الظلمة نوراً، فلا أدري من أين عن له ذلك.
قلت: لعله لما رأى قول المفسرين: اضرب بعصاك الحجر، وكانت من آس الجنة طولها عشرة أذرع على طول موسى، ولها شعبتان تتقدان في الظلمة نوراً. واسمها عليق، حملها آدم عليه السلام من الجنة، فتوارثها الأنبياء حتى وصلت إلى شعيب فأعطاها موسى عليه السلام، قال مقاتل: اسم العصا نبعة. ذكرها بطولها محيي السنة. حسب أنهم وصفوا الحجر، فأخذ في وصفه بما وصفت العصا، ثم عن له أن الآس مصحف، والدليل أنه في وصف الحجر قوله: "وكان يحمل على حمار".
قوله: (وهي على هذا فاء فصيحة) ظاهره يقتضي أن الفاء على التقدير الثاني فصيحة، وفي كلام صاحب "المفتاح" ما يشعر أن الفاء الفصيحة هي التي تقع في جزاء الشرط، ولهذا عرفت أنها هي الفاء التي دلت على محذوف غير شرط هو سبب عما بعد الفاء. فإذن الواجب حمله على الوجه الأول.

الصفحة 502