كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

فإذا مضى تفرّقت، كما قال: (تَاتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَاتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ) [الأعراف: 163]، فحفروا حياضا عند البحر وشرعوا إليها الجداول، فكانت الحيتان تدخلها فيصطادونها يوم الأحد. فذلك الحبس في الحياض هو اعتداؤهم: قِرَدَةً خاسِئِينَ خبر ان أى كونوا جامعين بين القردية والخسوء، وهو الصغار والطرد فَجَعَلْناها يمنى المسخة (نَكالًا) عبرة تنكل من اعتبر بها أي: تمنعه، ومنه: النكل: القيد. (لِما بَيْنَ يَدَيْها) لما قبلها وَما خَلْفَها وما بعدها من الأمم والقرون لأن مسختهم ذكرت في كتب الأولين فاعتبروا بها، واعتبر بها من بلغتهم من الآخرين: أو أريد بما بين يديها: ما بحضرتها من القرى والأمم. وقبل نكالاً: عقوبة منكلة (لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((شُرَّعاً)) أي: ظاهرة على وجه الماء، يقال: شرع علينا فلان: إذا دنا منا وأشرف علينا.
قوله: ((قِرَدَةً خَاسِئِينَ) خبران) أي: (خَاسِئِينَ) خبر بعد خبر، إذ لو لم يكن لكان وصفاً لقردة، فالواجب خاسئة، أو حالاً من اسم "كان" على بعد.
قوله: (ما بحضرتها من القرى والأمم) ترك معنى "وما خلفها" في هذا الوجه لظهورها، أيك القرى التي ليست بحضرتها، فـ "ما" على الوجه الأول والثاني في "ما قبلها" و"ما خلفها" بمعنى "من" لقوله: "من الأمم" لاعتبار وصف المعتبرين تعظيماً، لأن (ما) إذا وضع موضع "من" كقوله: سبحان ما سخركن لنا، تعتبر الوصفية فيه بحسب المقام.

الصفحة 514