كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

كان في بني إسرائيل شيخ موسر فقتل ابنه بنو أخيه ليرثوه، وطرحوه على باب مدينة ثم جاءوا يطالبون بديته، فأمرهم اللَّه أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها ليحيا فيخبرهم بقاتله قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً أتجعلنا مكان هزو، أو أهل هزو، أو مهزوءًا بنا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا) التي هي عبارة عن الجناية لا إلى المسخة. وتأويل ما ذهب إليه المصنف أقرب إلى أن يجعل الضمير في "خلفها" راجعاً إلى المسخة، أي: جعلناها منكلة لما بين يديها، أي: لأجل ما تقدمها من ذنوبهم، ولأجل اعتبار من تأخر من تلك المسخة.
وحاصل كلام المصنف: أن "ما" في "ما قبلها" إما أن تجرى على العموم أو لا، والثاني: إما أن تجرى على ذوي العقول أو على وصفهم، فالوجه الأول محمول على الثاني لإيقاع قوله: "من الأمم والقرون" بياناً له، والثاني على الأول بجعله "من الأمم والقرى" بياناً لـ "ما بحضرتها" والثالث على الثالث لما بين ما بقوله: "من ذنوبهم".
قوله: (فقتل ابنه بنو أخيه) قال المعزي: الصواب: فقتله بنو عمه، لقوله في آخر القصة: ولم يورث قاتل بعد ذلك؛ لأن المورث الأب لا ابنه المقتول، ولأن قاتل الابن لا يمنع الإرث من الأب بلا خلاف، وقيل في العذر: فقتل ابنه بنو أخيه بعد موت الشيخ، وفيه تعسف على أن المفسرين مثل محيي السنة، والواحدي وصاحب "المطلع": رووا أنه كان في بني إسرائيل رجل غني له ابن عمر فقير لا وارث له فلما طال عليه موته قتله ليرثه.
قوله: (مكان هزء) أي: هزء مصدر لا يصلح أن يقع مفعولاً ثانياً لأنه على تأويل خبر المبتدأ فيقدر المضاف، فهو إما على مكان هزء، أو أهل هزء، أو يجعل الهزء بمعنى المهزوء به؛ تسمية المفعول به بالمصدر، كقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) [المائدة: 96] أي: مصيده،

الصفحة 516