كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

وقد عوّنت. فإن قلت: (بين) يقتضى شيئين فصاعداً، فمن أين جاز دخوله على (ذلك)؟ قلت: لأنه في معنى شيئين حيث وقع مشارا به إلى ما ذكر من الفارض والبكر. فإن قلت: كيف جاز أن يشار به إلى مؤنثين، وإنما هو للإشارة إلى واحد مذكر؟ قلت: جاز ذلك على تأويل ما ذكر وما تقدّم، للاختصار في الكلام،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظعائن كنت أعهدهن قدماً ... وهن لذي الأمانة غير خون
طوال متل أعناق الهوادي ... نواعم بين أبكار وعون
حسان مواضع النقب الأعالي ... غراث الوشح صامتة البرين
متل أعناق الهوادي، أي: طويلة العنق، غراث الوشح كناية عن دقة خصرها، كما أن صامتة البرين كناية عن غلظ ساقها، والبرين: الخلخال.
قوله: (وقد عونت) أي: صارت عواناً.
قوله: (لأنه في معنى شيئين) قال القاضي: ذلك إشارة إلى ما ذكر من الفارض والبكر، فلذلك أضيف إليه "بين"، فإنه لا يضاف إلا إلى متعدد. قال السجاوندي: وعندي أن المراد في وسط زمان الصلاح للعوان واعتداله. تقول: سافرت إلى الروم وطفت بين ذلك، فالمشار إليه عوان. وهذا أولى لئلا يفوت معنى (بَيْنَ ذَلِكَ) لأن "عوان" هي النصف كما قال. وقال الجوهري: العوان هو النصف في سنها من كل شيء، والجمع عون، وبقرة عوان: لا فارض ولا بكر. وفائدة قوله: "عوان" بعد ما نفى أن تكون بكراً أو أن تكون فارضاً، هو أنه احتمل أن تكون عجلاً أو جنيناً، فقال: عوان، لإزالة اللبس ونفي الاحتمال.

الصفحة 520