كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(ما تُؤْمَرُونَ) أي ما تؤمرونه بمعنى تؤمرون به من قوله أمرتك الخير أو أمركم بمعنى مأموركم تسمية للمفعول به بالمصدر، كضرب الأمير. الفقوع أشد ما يكون من الصفرة وأنصعه.
يقال في التوكيد: أصفر فاقع ووارس، كما يقال أسود حالك وحانك، وأبيض يقق ولهق. وأحمر قانى وذريخى. وأخضر ناضر ومدهامّ. وأورق خطبانىّ وأزمك ردانىّ. فإن قلت: فاقع هاهنا واقع خبراً عن اللون، فلم يقع توكيداً لصفراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أمرتك الخير) تمامه:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب
قيل: قائله عباس بن مرداس، وقيل: خفاف بن ندبة، أي: أمرتك بالخير بدليل قوله: فافعل ما أمرت به، ولأن الأمر لا يستعمل إلا بالباء. "ذا مال" أي: ذا إبل وماشية. والنشب: المال الأصيل، وهو اسم يجمع الصامت والناطق. حذف من الآية الجار إيجازاً وأمناً من الإلباس، وأوصل الفعل ثم حذف الضمير.
قوله: (وأنصعه) الناصع: الخالص من كل شيء، ويقال: أبيض ناصع، وأصفر ناصع، وأصفر وارس، الورس: نبت أصفر تتخذ منه الغمرة للوجه، تقول منه: أورس الرمث، أي: اصفر ورقه، فهو وارس. والرمث: بالكسر مرعى من مراعي الإبل، وهو من الحمض.
"أسود حالك" حلك الشيء يحلك حلوكة: اشتد سواده. وأسود حالك وحانك بمعنى.
"وأبيض يقق"، أي: شديد البياض، واللهق بالتحريك: الأبيض، وشيء لهق إذا كان شديد البياض.
"وأحمر قانئ"، قنأ الرجل لحيته بالخضاب، وقد قنأت هي من الخضاب إذا اشتدت حمرتها.

الصفحة 522