كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

وعن الحسن البصري (صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) سوداء شديدة السواد. ولعله مستعار من صفة الإبل لأن سوادها تعلوه صفرة. وبه فسر قوله تعالى: (جِمالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات: 33]، قال الأعشى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال المرزوقي: جد جده إذا ازداد جده جداً. ونحوه قولك: حتى استدق نحولها، أي: ازداد دقتها دقة، "وجنونك مجنون" من قوله:
جنونك مجنون ولست بواجد ... طبيباً يداوي من جنون جنون
قوله: (سوداء شديدة السواد) قال صاحب "المطلع": فيه نظر؛ لأن قوله: (فَاقِعٌ لَوْنُهَا) يرده. وقال القاضي: لأن الصفرة بهذا المعنى لا تؤكد بالفقوع.
والجواب ما جاء عن الزجاج: فهذه كلها صفات مبالغة في الألوان، وقد قال بعضهم: صفراء ها هنا سوداء.
قلت: لأن صفراء إذا أكد بالفقوع يدل على خلوص الصفرة فيها، ثم إذا روعي معنى الإسناد المجازي معها دل على أن المراد بذلك التأكيد المبالغة في الصفرة لا الخلوص فيها، فدلت هاتان المبالغتان على أنها بلغت الغاية في بابها، وكل لون إذا قوي واشتد أخذ بالعين كالسواد، ولهذا وصفت الخضرة إذا قويت بالإدهام.
قوله: (ولعله مستعار) لأن الأصل في استعمال الأصفر وإرادة الأسود في الجمل، فنقل إلى البقر.

الصفحة 524