كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا): أي: إنّ البقر الموصوف بالتعوين والصفرة كثير فاشتبه علينا أيها نذبح. وقرئ: تشابه، بمعنى تتشابه بطرح التاء وإدغامها في الشين. وتشابهت ومتشابهة ومتشابه. وقرأ محمد ذو الشامة: إن الباقر يشابه، بالياء والتشديد. جاء في الحديث «لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد» أى: لو لم يقولوا إن شاء اللَّه. والمعنى: إنا لمهتدون إلى البقرة المراد ذبحها، أو إلى ما خفى علينا من أمر القاتل (لا ذَلُولٌ): صفة لبقرة بمعنى بقرة غير ذلول، يعنى لم تذلل للكراب وإثارة الأرض،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سعد بن أبي وقاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم على الناس فحرم من أجل مسألته". قيل: ظاهر الحديث دل على أن اقتراح السؤال على الأنبياء غير جائز؛ لأنهم مأمورون بالتبليغ، وبيان ما يجب كشفه، ولا يقصرون في ذلك، فمن سألهم عن شيء من ذلك فكأنه ينسبهم إلى التقصير، فهو جريمة من السائل، فقد يعاقبه الله تعالى بما هو مناسب لجريمته، وذلك بأن يحرم عليه المسئول عنه، فإذا حرم عليه يسري ذلك التحريم إلى جميع المكلفين لعموم حكم الشرع، فيكون هو سبباً لتحريم ذلك على الناس، فيعظم جرمه.
يؤيد هذا التأويل ما روينا عن البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".
قوله: (وقرأ محمد ذو الشامة) قيل: هو محمد الباقر. قال صاحب "الجامع": هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وسمي الباقر؛ لأنه تبقر في العلم، أي:

الصفحة 526