كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

ما كتمتم من أمر القتل لا يتركه مكتوماً. فإن قلت: كيف أعمل (مخرج) وهو في معنى المضىّ؟ قلت: وقد حكى ما كان مستقبلاً في وقت التدارؤ كما حكى الحاضر في قوله: (باسِطٌ ذِراعَيْهِ) [الكهف: 18]. وهذه الجملة اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه وهما (فَادَّارَاتُمْ)، و (فَقُلْنا) والضمير في (اضْرِبُوهُ): إمّا أن يرجع إلى النفس والتذكير على تأويل الشخص والإنسان، وإمّا إلى القتيل لما دل عليه من قوله: (ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ). بِبَعْضِها ببعض البقرة. واختلف في البعض الذي ضرب به، فقيل: لسانها، وقيل: فخذها اليمنى، وقيل: عجبها، وقيل: العظم الذي يلي الغضروف وهو أصل الأذن، وقيل: الأذن، وقيل: البضعة بين الكتفين. والمعنى: فضربوه فحيى، فحذف ذلك لدلالة قوله: (كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى) وروى أنهم لما ضربوه قام بإذن اللَّه وأوداجه تشخب دماً وقال: قتلني فلان وفلان لا بنى عمه، ثم سقط ميتاً، فأخذا وقتلا، ولم يورّث قاتل بعد ذلك. (كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى): .........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كما حكي الحاضر) يعني أن كلاً من اسمي الفاعل عند نزول القرآن كان ماضياً لكن (مُخْرِجُ) حكاية لما كان مستقبلاً في وقت التدارؤ، و (بَاسِطٌ) حكاية للحاضر عند بسط الكلب ذراعيه، فقد اشتركا في أن كلاً منهما حكاية عند النزول، وفائدتها: استحضار تينك الصورتين في مشاهدة السامع؛ تعجيباً له.
قوله: (وقيل: عجبها). العجب: أصل الذنب، وهو من كل دابة: ما ضمت عليه الورك من أصل الذنب. قيل: العجب أمره عجب، وهو أول ما يخلق وآخر ما يخلق.
قوله: (العظم: الذي يلي الغضروف)، الجوهري: وهو ما لان من العظم، وهو الغضروف أيضاً.
واعلم أن هذه الأقوال لا يدل عليها القرآن ولا خبر صحيح، فحسن السكوت عنها.

الصفحة 534