كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

وأن يختاره فتىّ السنّ غير قحم ولا ضرع، حسن اللون بريئاً من العيوب يونق من ينظر إليه، وأن يغالى بثمنه، كما يروى عن عمر رضى اللَّه عنه أنه ضحى بنجيبة بثلاثمائة دينار، وأنّ الزيادة في الخطاب نسخ له، وأن النسخ قبل الفعل جائز وإن لم يجز قبل وقت الفعل وإمكانه لأدائه إلى البداء، وليعلم بما أمر من مس الميت بالميت وحصول الحياة عقيبه أن المؤثر هو المسبب لا الأسباب، لأن الموتين الحاصلين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي أمثالهم: ليس المتعلق كالمتأنق. أي: ليس القانع بالعلقة، وهي البلغة، كالذي يبلغ النقاوة والغاية.
ويضرب أيضاً للجاهل الذي يدعي الحذق: خرقاء ذات نيقة.
قوله: (غير قحم) أي: غير مسنة مهزولة، الجوهري: شيخ قحم، أي: هم.
قوله: (ولا ضرع). الضرع بالتحريك: الضعيف. وقيل: الحديثة السن.
قوله: (وإن لم يجز قبل وقت الفعل وإمكانه) أي: يمكن المكلف من أدائه في ذلك الوقت. وصورته أن تقول: صل غداً وقت الظهر، وقبل الظهر تقول: لا تصل وقت الظهر، والحال أن المكلف متمكن من الفعل في الظهر.
قوله: (لأدائه إلى البداء) أي: البداية، من قولهم: بدا له في الرأي بداء بالمد والرفع. وأهل السنة قالوا: لا يلزم البداء؛ لأن هذا الأمر والنهي راجع إلى امتحان المكلف بإطاعته الآمر وعصيانه، وعزم قلبه، وعدم عزمه وابتلائه، كما إذا قال السيد لعبده: اذهب غداً راجلاً إلى مواضع كذا، وقبل الغد يقول: اذهب راكباً، وغرضه الابتلاء. واعلم أنه جمع بين التشديد عليهم لتشديدهم وبين نفع اليتيم، فيلزم من التشديد أن تكون البقرة غير معينة، ومن نفع اليتيم أن تكون معينة، وبينهما تناف كما سبق.

الصفحة 537