كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

والمعنى: إنّ من الحجارة ما فيه خروق واسعة يتدفق منها الماء الكثير الغزير، ومنها ما ينشق انشقاقا بالطول أو بالعرض فينبع منه الماء أيضا يَهْبِطُ يتردّى من أعلى الجبل. وقرئ بضم الباء. والخشية مجاز عن انقيادها لأمر اللَّه تعالى، وأنها لا تمتنع على ما يريد فيها، وقلوب هؤلاء لا تنقاد ولا تفعل ما أمرت به. وقرئ (تَعْمَلُونَ) بالياء والتاء، وهو وعيدٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والمعنى: إن من الحجارة ما فيه خروق واسعة) إلى آخره، فيه على ما فسر معنى التتميم دون الترقي، ليكون على وزان قوله تعالى: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 3] إذ لو أريد الترقي لقيل: إن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وإن منها لما يتفجر منه الأنهار. وفائدته: استيعاب جميع الانفعالات التي على خلاف طبيعة هذا الجوهر، وهو أبلغ من الترقي. نعم، الترقي من قوله: (لَمَا يَتَفَجَّرُ) إلى آخره إلى قوله: (وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ) تتميم للتتميم.
قوله: (وأنها لا تمتنع) إلى آخره: عطف على سبيل التفسير على قوله: "مجاز عن انقيادها لأمر الله، يعني: أثبت للحجارة الخشية على سبيل المجاز لفائدتين: إحداهما: التصريح في المبالغة في كونها منقادة لأمر الله، وثانيتهما: التعريض بأن قلوب هؤلاء لا تنقاد البتة.
قوله: (من خشية الله يتعلق بالكل)، أي: كل ذلك من خشية الله.
قوله: (وقرئ (تَعْمَلُونَ) بالياء والتاء). ابن كثير ونافع ويعقوب وأبو عمرو: بالتاء الفوقانية، والباقون: بالياء.

الصفحة 544