كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 2)

(لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ): ليحتجوا عليكم بما أنزل ربكم في كتابه، ........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعني اليهود" على الفريق المحرفين منهم، فيكون الضمير في "لقوا" راجعاً إلى قوله تعالى: (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ) [البقرة: 75] لأنه قسيم لقوله: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ) [البقرة: 78] كما سيجيء، ولأن قولهم: (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) لا يليق إلا بمن عقل الكتاب لا بالعامي، وينصره ما روى محيي السنة عن ابن عباس والحسن وقتادة: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا) يعني منافقي اليهود الذين آمنوا بألسنتهم، إذا لقوا المؤمنين المخلصين (قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا) رجع (بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ) ككعب بن الأشرف وكعب بن أسيد ورؤساء اليهود، لاموهم على ذلك (قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ): بما قضى الله عليكم في كتابكم أن محمداً حق وقوله صدق.
الانتصاف: يوضح اختلاف الضميرين المذكورين قوله تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ) [البقرة: 232]، الضمير الأول للأزواج، والثاني للأولياء لشمول الخطاب.
قوله: (بما أنزل ربكم في كتابه). قيل: إن المصنف جعل (عِنْدَ رَبِّكُمْ) بدلاً من قوله: به؛ لأن ما فتح الله وما أنزل ربكم في كتابه بمعنى واحد.
وقلت: بل قوله: "بما أنزل ربكم في كتابه" تفسير للآية وتلخيص معناها، فلا يكون بدلاً ولا متعلقاً بقوله: (لِيُحَاجُّوكُمْ). قال صاحب التقريب: "عند" حال من المجرور في "به"، أو

الصفحة 547